خرجت اليوم زوجتي صباحاً
وصلت إلى العمل متأخراً .. وبعد ساعتين من أسئلة زملائي المتواصلة عن سبب غضبي وانفعالي الظاهرين .. طلبت إذناً وخرجت .. ذهبت لمنزل عائلتي علّي أجدها .. لكنها لم تكن هناك مع الأسف .. أين ذهبت غير ذلك .. فاطمة يتيمة الأب والأم ولا إخوة وأصدقاء لها .. حسناً كان لها صديقة .. لكن كرهي لها جعل علاقتهما تسوء حتى انقطعت منذ أعوام ..
أصرت والدتي على أن أتناول من البامية التي طهتها .. على مضض تناولت البعض .. وللمرة الأولى شعرت أن البامية التي تعدها فاطمة أشهى .. كيف ذلك .. لقد اعتدت على الدوام إخبارها أن طبخ أمي أفضل من طبخها بمراحل ..
مرت الساعات ببطء .. عدت لمنزلي وانتظرت فاطمة على الأريكة .. حتى عادت .. في السابعة مساءً .. آلاف الكلمات والأسئلة .. سيل من التوبيخ والغضب .. كلها كانت في انتظار عودتها .. وكلّها على نحو سخيفٍ اختفت حين دخلت من باب الشقة .. صمتت فجأة .. شعرتُ بالشوق والخوف ..
لم أعرف أبداً أين غادرت زوجتي ذلك اليوم .. لكن ما عرفته أنني غادرتُ معها دون أن أدري .. فاطمة الصامتة الحنونة الهادئة .. التي لطالما وجدتها ضعيفة التأثير .. اتضح لي بعشر ساعات فقط مدى قوتها ..
لم يتغير الكثير بعد ذلك اليوم .. بقيت حياتنا كما هي .. وبقيت فاطمة على حالها .. وأنا على حالي .. عدا بعض التفاصيل .. على سبيل المثال .. حين تتصل فاطمة .. يظهر اسمها على هاتفي ” عالمي ” .. ❤
خلال حياتي .. خشيت الكثير من الأشياء .. الفقر والدين والعجز والمرض .. فقدان عملي .. وخسارة سيارتي ..
” لكن يبدو أن الشيء الوحيد الذي كان يتوجب على خشيته .. هو من لا أخشاه .. هو من اعتدتهُ حتى نسيته .. ! ”
اذا اتممت القراءة لا تبخل بوضع اعجاب والتعليق بالصلاة على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين