close

الامً تق’تل ابنها

نعم لقد تمنيت ان يكون قد مات أو انتحر .. لأتخلص من الجحيم الذي اعيش فيه بسببه … وكنت اتحسس اخبار البيت عن بعد …. فعلمت انه قد انقطع عن البيت منذ فترة ليست بالقصيرة .. فظننت انه مات أو هاجر … فعزمت على العودة إلى منزلي الذي قضيت فيه مع زوجي المتوفى أحلى أيام العمر … وبالفعل ذهبت إلى بيتي .. انا وابنتي و حفيدتي … ولما دخلناالبيت وجدت البيت قد تغير كثيرا .. لقد باع ابني الكثير من الاثاث و التحف التي كانت موجودة بالمنزل .. ليشتري بثمنها الهيروين … وبدأت انا و ابنتي في تنظيف البيت الذي تحول إلى خرابة قذرة … فالغبار يملأ أرجاءه …والروائح العفنة تنبعث من نواحيه … وزجاجات الخمر وحقن الهيروين المستعملة ملقاة على الارض … و ادركت على الفور سر تلك العلب و الحقن المستعملة … لقد كان ابني يأتي بزملائه المجرمين المدمنين … ليتعاطوا الخمر والهيروين في بيتي الذي قضيت فيه اسعد أيام عمري … يا الله ما اعظمها من مأساة !!.. وما ادهاها من فاجعة … اخذت انا وابنتي في تنظيف البيت .. وكان العمل شاقا .. فأدركنا الليل ولم ننته من التنظيف والترتيب … فقلت لابنتي : لقد تأخر الوقت .. فلو بقيتِ الليلة عندي … وفي الصباح نكمل ما بقي ثم تعودين إلى بيتك .. فوافقت ابنتي على ذلك … و ليتها لم توافق … كانت الأم تظن أن ابنها قد مات … او انه قد هجر البيت ولن يعود اليه ابدا… او انه ربما يكون قد وقع في قبضة رجال الأمن .. وانه الآن يقبع في السجن …فنامت تلك الليلة مع ابنتها و حفيدتها … وفي الساعة الثالثة فجرا .. عاد ذلك الابن المدمن … بل عاد ذلك الوحش المفترس .. ودخل البيت فرأى نظافته و ترتيبه … ورآه على حالة غير الحالة التي تركه عليها .. فأدرك أن أمه في الدار .. قالت الأم وهي تسرد قصتها للقاضي : كنت انا و ابنتي وحفيدتي نائمين في غرفة واحدة … فتسلل هذا الوحش المفترس إلى غرفة نومنا … وهجم على الطفلة الصغيرة يريد فعل الفاحشة بها … ولم أستيقظ إلا على صراخ ابنتي … فانتبهت فزعة فرأيت ابني قد هجم على حفيدتي النائمة ليغتصبها.. وبنتي تحاول تخليصها من بين يديه وهي تصيح وتستغيث و تتوسل إليه أن يترك الطفلة الصغيرة ولا يتعرض لها بسوء… في تلك اللحظات .. فقدت عقلي وطار لبي … ألايكفي هذا الولد العاق ما سببه لنا من آلام ومصائب و احزان … ألا يكفيه انه قد شوه سمعتنا عند القاصي والداني .. وبدد اموالنا .. وباع اثاثنا .. ثم هو يريد الآن ان ينتهك عرض هذه الطفلة الصغيرة… أسرعت إلى المطبخ .. وأحضرت سكينا منه .. وأتيته من خلفه وهويتعارك مع اخته _ التي طالما لاعبها وضاحكها و داعبها وهما صغار _ و هي تحاول تخليص ابنتها من بين يديه.. غرزت السكين في ظهره .. فخرجت من جسده نافورة من الدماء وسقط على الأرض .. أحسست بهستيريا شديدة.. لا ادري كم مرة طعنته بالسكين حتى مات … و احسست أن العار قد مات .. و الفشل قد مات .. و الإدمان قد مات .. وبعد دقائق … عاد إليّ وعيي ورشدي .. و أفقت من حالتي الهستيرية .. فإذا انا قد قتلت ابني … الذي طالما سهرت الليل لينام .. و طالما اخرجت الطعام من فمي ووضعته في فمه .. فكم ليلة تعريت فيها ليكتسي هو .. وكم ليلة سهرت فيها لينام هو … وكم ليلة تألمت فيها ليرتاح هو … أهكذا تكون النهاية ؟!!.. أهكذا تكون الخاتمة ؟!!…. جلست بجوار الجثة أبكي على من كان ابني يوما ما .. ابكي على من ارضعته من ثديي … أبكي على من كان بطني له وعاء .. وثديي له سقاء .. وفخذي له فراشا ووطاء .. سيدي القاضي :صدقني إذا قلت لك : أنا القاتلة وأنا القتيلة.. صدقني أنا المذبوحة .. و أنا الذابحة … صدقني : أنا المسكينة … وانا السكينة … ثم انخرطت في بكاء مرير .. يفتت الجبال الرواسي … ولما هدأت العجوز .. و توقفت عن البكاء والنحيب .. قال لها القاضي : أكملي حديثك … و ماذا حصل بعد ذلك ؟!!!….. قالت الأم العجوز بصوت متهدج يملؤه الأسى والحزن : جلست انا و ابنتي نفكر في امر الجثة … والفضيحة .. والحكومة … وكانت حفيدتي طوال الوقت نائمة .. و ترتعد من الخوف .. وهي لم تكن نائمة بالمعنى الحقيقي للنوم … لكنها اغمضت عينيها .. من هول المشهد و بشاعة المنظر … فلم يكن يسيرا عليها أن ترى خالها يسبح في بركة من الدماء .. و جاءت لا بنتي فكرة .. نحن نسكن في الدور الأرضي من البيت … و يمكن إخفاء الجثة داخل المنزل .. ثم نشيع عند الناس بأن (( الإبن )) قد هاجر .. أو ترك البيت .. ثم أرحل بعد فترة عن بيتي و أسكن مع ابنتي في بيتها .. دون أن يعلم أحد بموضوع الجثة والقتل … وفعلا رفعنا البلاط من الأرض … وحفرنا له قبرا … و ألقينا فيه الجثة … و أعدنا كل شيء إلى ما كان عليه ..ولكن بعد فترة قصيرة من تلك الجريمة .. جاءت الشرطة ..ووجدت الجثة .. فالطفلة روت ما شاهدته للناس .. والناس أبلغوا الشرطة … هذه هي كل الحقيقة ؟!!… وانتهى محضر التحقيق مع الأم العجوز على ذلك …. صاح حاجب المحكمة وسط القاعة قائلا : محكمة !!.. ودخل رئيس المحكمة ثم تبعه بقية القضاة .. وبدأ القاضي في النطق بالحكم .. وساد صمت رهيب في القاعة … وبدأ يتلو حيثيات الحكم … ثم قال :

و لهذه الأسباب حكمت المحكمة ببراءة المتهمة و ابنتها !!!! رفعت الجلسة !!… وهكذا كانت نهاية هذه المأساة المريرة … و الفاجعة الأليمة … وهكذا كانت المخدرات سببا في ضياع هذه الاسرة الكريمة .. وتشتت شملها .. وضياع اموالها … بل وقتل الأم الحنون لولدها الوحيد .. فهل من معتبر يا أولي الأبصار ؟!!!

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *