close

يقول “مالك بن دينار” رحمه الله

(إلهي وسيدى ومولاي .. حبست القطر عن بلادك لتؤدب عبادك ، فأسالك يااااااااا حليما ذا أناه ، يامن لايعرف خلقه منه إلا الجود ، أن تسقيهم الساعة الساعة الساعة).

يقول “مالك” فما أن وضع يديه إلا وقد أظلمت السماء وجاءت السحب من كل مكان فأمطرت كأفواه القِرب ..!!

يقول “مالك” : فعجبت من الرجل ، فخرج من المسجد فتبعته ، فظل يسير بين الأزقة والدروب حتى دخل داراً ، فما وجدت شيئاً أعلّم به الدار إلا من طين الأرض ، فأخذت منها وجعلت على الباب علامة.

فلما طلعت الشمس تتبعت الطرق حتى وصلت إلى العلامة ، فإذا هو بيت نخّاس يبيع العبيد ، فقلت : ياهذا إني أريد أن أشترى من عندك عبداً.
فأرانى الطويل ، والقصير ، والوجيه.
فقلت: لا لا .. أما عندك غير هؤلاء؟!
فقال النخاس: ماعندى غير هؤلاء للبيع.

يقول مالك: وأنا خارج من البيت وقد أيست رأيت كوخا من خشب جوار الباب ، فقلت: هل في هذا الكوخ من أحد؟!
فقال النخاس: من فيه لا يصلح .. أنت تريد أن تشترى عبداً ، ومن في هذا الكوخ لا يصلح.
فقلت: أراه ..!!
فأخرجه لي ، فلما رأيته عرفته .. فإذا هو الرجل الذى كان يصلي بالمسجد البارحة.

قلت للنخاس: أشتريه.
فأجابني: لعلك تقول غشّني الرجل ، هذا لا ينفع فى شيء ، هذا لايصلح في شيء.
فقلت: أشتريه … فزهد في ثمنه وأعطاني إياه.

فلما إستقر بي المقام في بيتي ، رفع العبد رأسه إليّ ، وقال: ياسيدي لم إشتريتني؟! ، إن كنت تريد القوة فهناك من هو أقوى مني ، وإن كنت تريد الوجاهة فهناك من هو أبهى مني ، وإن كنت تريد الصنعة فهناك من هواحرف مني … فلم إشتريتني؟!!

قلت: يا هذا ، بالأمس كان الناس فى المسجد وظلت البصره كلها تدعو الله من الظهر إلى بعد العشاء ولم يستجب لهم ، وما إن دخلت أنت ، ورفعت يديك إلى السماء ، ودعوت الله واشترطت على الله ، حتى إستجاب الله لك وحقق لك ما تريد ..!!

فقال العبد: لعله غيري؟ وما يدريك أنت لعله رجل آخر؟.
فقلت: بل هو أنت.
فقال العبد: أعرفتني؟.
فقلت: نعم.
فقال: أتيقنتني؟.
فقلت: نعم.

فيقول مالك: فوالله ما التفت إليّ بعدها ، إنما خرّ لله ساجداً ، فأطال السجود ، فإنحنيت عليه فسمعته يقول:
(ياصاحب السر إن السر قد ظهرا ، فلا أطيق حياة بعدما إشتهرا).

ففاضت الروح الى بارئها ..!!

أي سر سره .. وأي سر سرنا .. وإلى أي درجة بلغ في الإخلاص .. وكيف إخلاصنا؟!!

اللهم إستر عوراتنا ، وآمن روعاتنا
اللهم إجعلنا من عبادك الأتقياء الأنقياء الأخفياء.
المصدر :
– كتاب صفة الصفوة – الإمام ابن الجوزي.
==========================
علق بشيئ تؤجر عليه ليصلك كل جديد واعمل متابعة ولاتنس الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا ❤

الصفحة السابقة 1 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *