كنت في طفولتي عندما كان يدخل موسم فاكهة المانجا كان ابي يحضر منه كمية للبيت
الان فقط بعد كل تلك الأيام اتضحت لي معنى كلماته وماذا كان يقصد بعبارته ….
الان فقط علمت أن سعادة ابي الحقيقية لم تكن يوما في أكل قشور المانجا …. وإنما كانت سعادته الحقيقية في رؤيتنا ونحن ناكل أفضل جزء منها أمامه ….
كانت فرحته الغامرة وهو يشاهدنا ونحن نحصل على أفضل وانقى واجود ما كان يقدمه إلينا في لحظتها ….
وتساءلت حينها والدموع في عيني ….
يا هل ترى كم من مانجا قدمها لنا ابي واكتفى هو بمجرد قشورها ؟!!!
وأنا هنا لا أقصد تلك الفاكهة بذاتها …. ولكن اقصد كل ما ترمز له في هذه الحياة …. فالمانجا قد تكون ملبسا أو بيتا أو فراش أو نوما مريحا أو تعليما ….
وقد تكون أيضا لمسة حنان على الكتف …. أو قبلة على الوجه ….
فمانجا الأهل لا حدود لها …. ولا يمكن لأحد أن يقيم سعرها ….
انظر من حولي لاجد أبناء لا يقدرون أهلهم حق القدر …. ولا يوفون حقهم ….
وكأن وظيفة الأهل في هذه الحياة هي في اختلاق الذرائع التي من شأنها أن تكدر صفو حياتهم ….
أرى أبناء قد تملكهم الغرور حتى حسبوا انهم يفوقون اهلهم علما وفكرا ومنطق ….
أرى أبناء يقدسون كلمة الزوج أو الزوجة في مقابل دموع الأم أو الأب ….
أرى أبناء يهجرون اهلهم في ديار رعاية بعيدة ويتركونهم لرحمة الغرباء ….
أرى أبناء قد يقاطعون اهلهم سنينا ….
ارى أبناء يتمنون زوال أهلهم من هذه الدنيا عاجلا ليس اجل ….
ارى كل ذلك وفي نفسي لو كان الأمر بيدي
لدفعت عمري كله ثمنا …. حتى يعود بي الزمن لأجلس مع ابي يوما واحدا اسبقه حينما يحضر فاكهة المانجا …. لالتهم قشورها بدلا عنه ليتبقى له فقط أفضل ما فيها ….
حتى اذا سألني لماذا احب اكل قشور المانجا فأقول له :
“اكلها انا حتى لا تأكلها أنت” ….
…. اهداء الى كل من مازال أباه على قيد الحياة ، عسى أن تجد الى قلبه دليلا ….
اللهم اغفر وارحم ابي وامي واجعلهم من أهل الفردوس الأعلى برحمتك يا أرحم الراحمين ….
اللهم ألبس لباس الصحة والعافية لكل من هم على قيد الحياة من الآباء والأمهات واعفوا عنهم ولا تقبضهم إلا وأنت راضي عنهم يا سميع يا عليم ….
اللهم سدد خطاهم واحسن خاتمتهم والحقنا بهم في جنات النعيم.