ما معنى ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب
وسليمان – عليه السلام – إنسان، فأراد الحق سبحانه أنْ يُثبت لنا أن الإنسان تملَّك في جوارحه، وتملَّك فيمن حوله، وتملَّك في جنس آخر غير جنسه، لكن هذا كله ليس ذاتياً فيه، بل هو موهوب له؛ بدليل أن الله سلبه هذا المُلْك في لحظة ما، وألقاه على كُرسيه جسداً لا أمرَ له ولا نهيَ ولا سلطانَ على شيء.فلما فهم سليمان المسألة آبَ ورجع { ثُمَّ أَنَابَ } [ص: 24] يعني: رجع إلى ما كان عليه قبل التجربة التي مَرَّ بها. يعني: رجع وعاد إلى الجسد الذي فيه روح، أو أناب ورجع إلى الله وعرف السبب فالمعنى يحتمل المعنيين: أناب في السبب، أو أناب في المسبب. والجسد هو الجِرْم والهيكل الظاهري الذي لا روحَ فيه، والذي قال الله عنه{ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ.. } [الحجر: 29] أي: الجسد، ومنه قوله تعالى في قصة السامري: { فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ… } [طه: 88] يعني: هيكل العجل وصورته الظاهرية، لكن بدون روح. فإنْ قَلْتَ: فهل يحدث هذا من الرسل؟ يعني: هل يخطئ الرسول ويُصحِّح له؟ نعم، العيب أنْ يصحح لك المسَاوي لك، إنما ليس عيباً أنْ يصحح لك الأعلى، فماذا فيها إنْ كان الذي يُصحِّح لسليمان ربه عز وجل لا أنت. إذن: من الشرف أنَّ الله يُعدِّل لسليمان، لذلك لما عَدَّلَ الحق سبحانه الحكم لنبيه محمد، فقال: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ.. }[التحريم: 1]. وقال: { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ * أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ } [عبس: 1-2] فهل استنكف رسول الله أنْ يُعدِّل له ربه؟ لا لم يستنكف بدليل أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي أبلغ هذا التعديل وأخبرنا به، وأنا لا أخبر إلا بما فيه شَرفٌ لي. اذا أتممت القراءة شارك بذكر سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم